تشهد العلاقة الإيرانية الأمريكية تصعيدا خطيرا في ظل حرب كلامية يُخشى أن تتحول لحرب حقيقية. ويرى خبراء بأن المنطقة العربية ستشهد عواقب وخيمة في حال اندلاع أية حرب بين طهران وواشنطن.
و يرى البروفيسور جوزيف برامل مدير المؤسسة الألمانية لدراسات السياسة الخارجية في برلين أن التهديدات الأمريكية لإيران أدخلت المنطقة العربية في حالة من الترقب لا سيما بعد الرد الإيراني بأن المعركة لو حصلت فإنها ستكون "أم المعارك"، وتحذير واشنطن من "اللعب بالنار".
و أضاف برامل أن سيناريو الحرب وارد خاصة أن هناك عوامل قد تلعب لصالح اندلاعها. من بينها تطورات الأحداث في سوريا، والضغوط الداخلية الشديدة على الرئيس الأمريكي، بالإضافة إلى التحقيقات المتتالية بشأن الفساد التي يتعرض لها رئيس الوزراء الإسرائيلي. فالحرب قد تكون عاملا للتنفيس عن هذه الضغوط.
ورأى الباحث الألماني أن العقوبات الاقتصادية التي تفرضها واشنطن على إيران ما هي الا مقدمة لحرب قد تقودها إدارة ترامب بمشاركة إسرائيل وربما بدعم السعودية ضد ايران و هي باتت مسألة وقت، و ذكر برامل بأن الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير قال عندما كان وزيرا للخارجية لقد وقعنا الاتفاق النووي مع إيران لكي نمنع الحرب، والتداعيات المنطقية للانسحاب الامريكي من الاتفاق النووي و بعدها فرض العقوبات الاميركية على ايران هي وقوع هذه الحرب، ومجرد إبقاء إيران المجال مفتوحا لعودتها لأنشطتها النووية السابقة سيرد عليه الأميركيون بـ"الضربات الوقائية" التي خططوا لها، وهذا هو التوجه القوي لمستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون الذي أعلن سابقا أن إيقاف طموحات إيران النووية يتطلب ضربها.
بيد أن برامل يستدرك أن الأطراف جميعها لا تريد حربا شاملة لأن الكل يدرك فظاعة تكلفتها، لكنه يضيف بأن الولايات المتحدة قد تغض الطرف عن حرب محدودة, كأن تقوم إسرائيل مثلا بتدمير للقوات الإيرانية أو الموالية لها في سوريا أو لبنان. ويؤكد الخبير الألماني أن إيران ستلتزم الحذر في تصرفاتها بداية، وأنها لن تلجأ لتطبيق تهديداتها في إغلاق مضيق هرمز ـ كخطوة أولى على الأقل إلا في حال هوجمت، فطهران تدرك أن تصرفا كهذا سيستخدم كورقة في التصعيد ضدها.
و يشير برامل أن أي حرب محتملة بين إيران والولايات المتحدة سيكون لها عواقب وخيمة على العالم العربي. ويؤكد الباحث الالماني أن هذه الحرب لو حدثت فإن شرخا كبيرا سوف يظهر داخل الدول العربية، بحيث سيكون هنالك 3 معسكرات متباينة سياسيا .
المعسكر الأول يضم دول الخليج وأبرزها السعودية والإمارات التي ستكون في الخندق الأمريكي، وستقف لا محالة إلى جانب الولايات المتحدة في الحرب. وحتى لو شاركت إسرائيل فإن ذلك لن يغير من موقفها.
المعسكر الثاني سيضم دول رافضة لهذه الهجمة على إيران، ورافضة للوقوف إلى جانب اسرائيل، ومن أبرز هذه الدول الجزائر العراق، لبنان، سوريا.
المعسكر الثالث: سيكون مكونا من عدة دول ستحاول أن تنأى بنفسها عن هذه المشكلة، بحيث ستتجنب نشر أية تصريحات ولن تتبنى أية مواقف ومن أبرز هذه الدول المغرب وتونس و غيرها من الدول الافريقية و الاوروبية.
و اضاف برامل أن المعركة المحتملة ستكون مدمرة وهدفها لن يكون غزوا بريا بل سيكون تغيير الوضع القائم وستراهن الولايات المتحدة، على أن الدمار سوف يجلب تغييرا في نظام الحكم القائم. ويوضح برامل أن أمريكا أرسلت عدة رسائل كلامية بأن الخطوة الأمريكية ستكون أكبر مما يتخيل البعض. وهو ما يبين حجم الدمار المتوقع لا سيما إذا أخذنا بعين الاعتبار حجم القنابل التي استخدمتها الحكومة الأمريكية في أفغانستان والتي بلغت عدة أطنان للقنبلة الواحدة.
ويعتقد برامل أن طهران ستحاول استخدام كافة امكاناتها لأنها تدرك أن هذه المعركة ستكون آخر معارك المنطقة وستكون المجالات مفتوحة أمام الصواريخ الإيرانية، مثل القواعد الأمريكية وأيضا عواصم عربية وكذلك إسرائيل. ويرى برامل أن إيران ستحاول تحريك أذرعها في المنطقة العربية للهجوم على خصومها، لا سيما في العراق ولبنان وسوريا، وأنه من غير المستبعد أبدا أن يشارك حزب الله اللبناني والحكومة السورية في تنشيط الجبهة الجنوبية لإسرائيل.
و يعتقد برامل أنه من المحتمل أن يكون لأوروبا تأثير كبير باعتبارها طرفا فاعلا في إيران فإنها تملك مصداقية أكثر من الولايات المتحدة في طهران، و خاصة أن اوروبا تمثل عاملا اقتصاديا كبيرا، ولكن لتحقيق الاستفادة يجب على أوروبا أن تأخذ الأمور على محمل الجد لتتمكن من لعب الدور المطلوب من أجل منع وقوع أم المعارك التي ستلحق أضرار فادحة ليس بايران او المنطقة العربية فقط انما ايضا بأوروبا.