أعادت نتائج الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة الأوكرانية خلط الأوراق لترسم معادلات جديدة في كييف، وأجبرت القوى السياسية إلى إعادة قراءة الميدان و تقييم حساباتها من جديد بعد تقدم الممثل الكوميدي فلاديمير زيلينسكي بفارق كبير على الرئيس الحالي بيترو بوروشينكو. علما أن هذا التقدم لم يكن مفاجئاً بعدما كانت استطلاعات الرأي توقعته، فإن النسبة التي حصل عليها متجاوزاً 30 في المائة من الأصوات لم تكن متوقعة، في مقابل حصول بوروشينكو أقرب منافسيه على أقل من 18 في المائة.
تقدم زيلينسكي سيجبر المنافسين الآخرين لإعادة ترتيب اصطفافاتهم السياسية خلال الأسابيع المقبلة حتى حلول موعد الجولة الثانية من التصويت في 21 أبريل (نيسان)، وسط توقعات بأن يحافظ زيلينسكي، برغم أنه حديث عهد بالسياسة، على تقدمه ويفوز بالمقعد الرئاسي.
ان «مفاجأة زيلينسكي» البعيد عن أوساط السياسة في أوكرانيا، ما هي إلا احدى نتائج افعال القيادة السياسية المتهمة بالفساد و اغراق البلاد في الحرب و الفوضى، فضلا عن كونه لعب على وتر خيبة أمل الشارع بسبب الأداء السياسي للنخب التي توالت على الحكم في أوكرانيا منذ عام 2004. وبرغم بروز معطيات عن حصوله على دعم أحد أبرز «حيتان المال» في أوكرانيا إيغور كولومويسكي لكنه ضم في فريقه الانتخابي شخصيات بارزة عرفت بمواقفها ضد الفساد الحكومي.
Photo: 5.ua
من جهة أخرى، أعلنت روسيا أنها تراقب تطورات الموقف في أوكرانيا مع التأكيد على انفتاح موسكو على التعامل مع أي رئيس يرفع خطاب السلام لا خطاب الحرب، وبرغم أن هذه العبارة وصفت بأنها موجهة ضد الرئيس الحالي و فريقه الذي بات يعد الخصم الأسوأ لروسيا في أوكرانيا، لكن مواقف زيلينسكي المعلنة حيال الأزمات المستعصية مع موسكو لا تشير إلى بوادر بأن يقود انتخابه رئيسا إلى تغييرات كبرى في معادلات المواجهة القائمة حاليا مع موسكو؛ خصوصا أنه وصف الوضع في الشرق الأوكراني، وفي القرم، بتأكيده على معارضة «الاحتلال الروسي»، وهو أمر أثار حفيظة الكرملين.
و بالعودة الى كييف فان العديد من السياسيين يشككون بقدرات زيلينسكي في حال فوزه في الجولة الثانية على إدارة دفة البلاد في ظروف بالغة التعقيد وصراع قوي مع روسيا وأزمة اقتصادية طاحنة. وكتب معلقون أن «فكرة الممثل الهزلي التي تقوم على إضفاء المزيد من الفكاهة في مقابل حديث أقل عن السياسة سمحت له بسحر الناخبين الذين سئموا الحرب و الفساد، و في المقابل، لفتت أوساط مقربة من حملة زيلينسكي على أن مفتاحه الرئيسي لإطلاق برامج الإصلاح هو تقريب قطاعات الشباب ومحاربة الفساد، ما يعني منح اهتمام أقل لمسألة القرم والوضع المتفجر في شرق البلاد.
في استطلاع للرأي جرى مؤخرا رأى عدد من الناخبين الأوكرانيين أن عدم وجود الخبرة السياسية عند زيلينسكي سيعرض أوكرانيا للخطر، هذا بالاضافة إلى أن بوروشينكو سعى لتصوير خصمه على أنه غير مؤهل لتمثيل بلاده في الخارج، خاصة في المفاوضات الدولية المتعلقة بالعلاقة مع روسيا وفي إطار مواجهة خصم قوي مثل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.