أثارت تصريحات قائد أركان الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح حول تفعيل مادة من الدستور تمهد الطريق لعزل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة جدلا كبيرا، وأبدى البعض ارتياحا تجاهها في حين توجس منها آخرون لقرب المشهد من سيناريو مصر و لأنها تهدد مدنية الدولة.
اذا, بعد أسابيع من الاحتجاجات الحاشدة، طالب الفريق أحمد قايد صالح باتخاذ إجراء دستوري لإعلان أن الرئيس بوتفليقة غير لائق للمنصب، مما يشير إلى نهاية حكمه المستمر منذ عشرين عاما.
واختلفت ردود الفعل على خطاب قايد صالح، حيث أيدت جهات موالية للسلطة هذه الخطوة، في حين توجست منها أطراف أخرى، كما انتقدت أصوات من المعارضة الخطوة واعتبرتها متأخرة ولا تستجيب لمطالب الحراك المستمر.
وقال الفريق قايد صالح أنه يجب تبني حل يكفل الخروج من الأزمة، ويستجيب للمطالب المشروعة للشعب الجزائري، ويضمن احترام الدستور وتوافق الرؤى، وهو الحل المنصوص عليه في الدستور في مادته 102 و التي تنص على أنه "إذا استحال على رئيس الجمهورية أن يمارس مهامه بسبب مرض خطير، يجتمع المجلس الدستوري وجوبا، وبعد أن يتثبت من حقيقة هذا المانع بكل الوسائل الملائمة، يقترح بالإجماع على البرلمان التصريح بثبوت المانع, يعلن المجلس الدستوري رسميا أن بوتفليقة غير لائق للمنصب، وهو قرار يتعين أن يقره مجلسا البرلمان بأغلبية الثلثين.
و في هذا السياق يقول رئيس الوزراء السابق أحمد أويحيى أن خطوة الفريق قايد صالح هي استجاب لمطالب الشعب وتجنيب البلاد الدخول في مرحلة فراغ دستوري, و اضاف ان هذا القرار أسقط مؤامرة خارجية على الجزائر، وحفظ خروجا مشرفا للرئيس وأيضا بنى اللحمة الكاملة بين الجيش والشعب.
وفي مجال المقارنة بتجارب الربيع العربي، فان هذه الاحتجاجات ليست معادية للأمن او للجيش كما كان عليه الحال في الثورة التونسية (2010-2011) التي انطلق منها "الربيع العربي"، فيمكن للجيش قيادة مسار انتقالي محتمل كحل من الحلول.
و يتوقف الطابع السلمي أو العنفي للتظاهرات على طريقة تعامل قوات الأمن. فإذا ردّت بطريقة مهنية كما حصل في الاحتجاجات الأخيرة حيث تدخلت فقط حين توجهت الحشود صوب المؤسسات الحكومية فهناك أمل كبير ألا يلجأ المحتجون للعنف.
و لكن هل تقبل المعارضة بتصريحات قائد الأركان أم تعتبرها تدخلا في الشأن السياسي، و هل الدعوة إلى إعلان شغور منصب رئاسة الجمهورية خطوة كافية لتلبية مطالب الشعب, أم أن تظاهر ملايين الجزائريين و مطالبتهم بتغيير النظام الحالي الذي يقولون إنه مسؤول عن أزمات البلاد، بما في ذلك تفشي البطالة والفساد سيغير وجه البلاد فعلا؟
اذا, يتواجه في القمة معسكران: من ناحية هناك من يدافع عن إبقاء الأمور على حالها ويدعم بوتفليقة وقيادات المؤسسات، وهناك المعسكر المقابل الذي يريد إعادة تنظيم المؤسسات في البلاد، ويرى أن الدولة قد تجزأت وأصبحت قراراتها غير شفافة وعشوائية ولا يمكن تبيّن من يدير البلاد. وهنا يكمن خطر حقيقي، حسب مايكل العياري، بظهور العنف إذا تواجه الداعمون والمناهضون للولاية الخامسة، أي بين الداعين "لإعادة هيكلة المؤسسة" والمدافعين عن بقاء الوضع الراهن على حاله.