ما يزال إعلان الرئيس دونالد ترامب، اعتراف الولايات المتحدة الاميركية بالسيادة الإسرائيليّة على هضبة الجولان السورية، يثير التداعيات وردود الفعل، سواء على مستوى العالم العربي، أو على المستوى الدولي، في ظل رفض دولي كامل لما قاله ترامب، باستثناء إسرائيل التي رحب رئيس وزرائها بالخطوة.
وباستثناء إسرائيل فقط، فإن غالبية القوى في الشرق الأوسط، وكافة الهيئات الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة، رفضت تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وأعلنت التزامها بقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، والتي تؤكد على أن الجولان هي أراض سورية محتلة وفق القانون الدولي.
و كان قد اشار ريك غولدستين، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش أن الرئيس دونالد ترامب يستعد لتدمير القانون الدولي الذي يحمي سكان الجولان المحتل. و قد يشجع هذا الامر دولا أخرى محتلة على تصعيد ضمّ الأراضي وإنشاء المستوطنات ونهب الموارد.
فخلال حرب يونيو/حزيران 1967 قامت إسرائيل باحتلال هضبة الجولان في جنوب غرب سوريا، بالإضافة إلى الضفة الغربية وقطاع غزة وشبه جزيرة سيناء، و كنتيجة لهذه الحرب نزح عشرات آلاف السوريين من ديارهم في الجولان إلى أجزاء أخرى من سوريا، والذين منعت إسرائيل عودتهم لاحقا. و في عام 1981، طبّقت اسرائيل قوانينها الخاصة على هضبة الجولان، وضمتها فعليا، وهو ما أدانه "مجلس الأمن في الأمم المتحدة" من خلال القرار 497 واعتبره باطلا وبدون أي أثر قانوني دولي.
A United Nations Truce Supervision Organisation military observer uses binoculars near the border with Syria in the Israeli-occupied Golan Heights. REUTERS/Baz Ratner
و أضاف غولدستين إن قرار إدارة الرئيس الأميركي إنكار الاحتلال الإسرائيلي لمرتفعات الجولان يظهر تجاهلا للحماية التي يتمتع بها السكان السوريون بموجب القانون الدولي, كما ان تواصل الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ترتكبها إسرائيل في مرتفعات الجولان يجعل السكان السوريون بحاجة إلى حماية مستمرة بموجب القوانين، بما فيها حظر بناء المستوطنات واستخراج الموارد الطبيعية لصالح المحتل.
غير أن هناك مخاوف متزايدة لدى العديد من الاطراف في المنطقة العربية، من أن يكون ترامب يمضي قدما، فيما يصفونه بتصفية القضايا العربية في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بما يمكنه في نهاية الأمر من فرض رؤيته لحل هذا الصراع، وفق ما اصطلح على تسميته بصفقة القرن، ومنذ وصول ترامب للسلطة، لم تتوقف انجازاته لصالح إسرائيل، بدءا من الاعتراف بالقدس عاصمة لها، ومرورا بما يعرف بصفقة القرن ثم انتهاء بالاعتراف بسيادة اسرائيل على هضبة الجولان.
ولم يكتف ترامب بالاعتراف بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان ، بل قال خلال اجتماع مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن أي اتفاق للسلام في الشرق الأوسط يجب أن يتضمن حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها. وتعهد أمام نتنياهو بأن الولايات المتحدة "تعترف بالحق المطلق لإسرائيل بالدفاع عن نفسها".
ان قيام الرئيس ترامب بهذه الأفعال يزيد من مخاطر اشتعال الحرائق في منطقة ملتهبة بالفعل، ويضعها على مشارف حرب جديدة، كما أنه يحرج حلفاءه في المنطقة العربية، والذين يجدون أنفسهم بعد هذه التصريحات، غير قادرين على الدفاع عن تحالفهم معه على طول الخط، وقد أعربت دول الخليج عن أسفها بالفعل لتصريحاته، وأكدت أن الجولان باقية تحت السيادة السورية، وبالمثل أعربت مصر حليفة واشنطن عن نفس الموقف.