ما هِي الأسباب الخمسة التي أجبرت نِتنياهو على قطع حملته الانتِخابيّة والذّهاب إلى موسكو للمرّة الثّانية خِلال شهر؟ هل الخوف من مصنع صواريخ حزب الله الدّقيقة في لبنان أم للتّحضير لضرباتٍ أوسَع للوجود الإيرانيّ في سورية؟ وماذا عن الجولان؟
توجّه بنيامين نِتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيليّ إلى موسكو للِقاءٍ ربّما يكون حاسِمًا مع الرئيس الروسيّ فلاديمير بوتين، سيَكون اللّقاء الثّاني خلال خمسة أسابيع، فلِماذا هذا اللّقاء قبل أيّام قليلة من الانتِخابات الإسرائيليّة التّشريعيّة؟
هُناك خمسة أسباب رئيسيّة تكمُن وراء هذه الزّيارة المُفاجئة:
الأوّل: مُحاولة نِتنياهو الإيحاء للنّاخب الإسرائيليّ أنّه رجل دولة ويُقيم علاقات وثيقة مع رئيسيّ القوّتين العُظمتين الأمريكيّ دونالد ترامب والروسيّ فلاديمير بوتين، ممّا قد يؤدّي إلى زيادة شعبيّته، وكسبه حواليّ مليون إسرائيلي من أصولٍ روسيّةٍ وأوكرانيّةٍ وبلطيقيّةٍ، وبما يُعزّز تقدّمه البسيط في مُواجهة تحالف الجِنرالات الذي يقوده بيني غانتس (أزرق أبيض) الذي يُنافسه بشدّة.
الثّاني: يُدرك نِتنياهو أنّ أيّار (مايو) المُقبل الذي يشهد تطبيق المرحلة الثّانية والأهم من العُقوبات الأمريكيّة على إيران ربّما يكون شهر الحرب، لأنّ الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب يُريد منع الصّادرات النّفطيّة الإيرانيّة كُلِّيًّا، وهو أمرٌ لن يقبل به الإيرانيّون، وقد يدفعهم إلى إغلاقِ مضيق هرمز، مثلَما هدّدوا أكثر من مرّة على لِسان المُرشد الأعلى والرئيس حسن روحاني، ومنع وصول 18 مليون برميل عبره إلى العالم.
ثالثًا: يشعُر نِتنياهو بالقلق الكبير من تعاظُم قوّة حزب الله الصاروخيّة، والدّعم الإيرانيّ العسكريّ له، وانعكَس هذا القلق في توجيهه رسالة تهديد حملها مايك بومبيو، وزير الخارجيّة الأمريكيّ، إلى القِيادة اللبنانيّة تقول إنّ إيران أقامت مصنعًا للصّواريخ الدّقيقة في لبنان لصالح حزب الله، ممّا يُشكِّل خطرًا على إسرائيل، فهل يُخطِّط نِتنياهو لتوجيهِ ضربةٍ إلى لبنان ويُريد “تحييد” روسيا؟
Great Kremlin Palace Moscow - Russia
رابعًا: الوجود العسكريّ الإيرانيّ في سورية ما زال يُشكّل قلقًا وجوديًّا آخر لإسرائيل، حيث فشِلَت أكثر من 200 غارة في تقليص هذا الخطر، ناهِيك القضاء عليه كُلِّيًّا، ومن الواضح أنّ نِتنياهو يُريد ضوءًا أخضر من روسيا، والرئيس بوتين، لضرباتٍ أوسع وأكثر تأثيرًا، ومن المُتوقّع أن يطلُب منع استخدام سورية لمنظومة صواريخ “إس 300” للتّصدّي لأيّ هجمات مُستقبليّة.
خامسًا: روسيا عارضت القرار الأمريكيّ بتأييد ضم إسرائيل لهضبة الجولان السوريّة، وربّما يُريد نِتنياهو من الزيارة تغيير هذا الموقف، أو تخفيف حدّته على الأرجح.
نِتنياهو يُريد تحقيق هدفين أساسيين في الوقت الراهن، البقاء في الحًكومة وتجنُب الذّهاب إلى السّجن بتُهم الفساد، وقد يجد التّصعيد العسكريّ، أو التّلويح به، وكسب بوتين إلى جانبه هو أقصر الطّرق لتحقيق هذين الهدفين.
السّؤال الذي لا يُمكن تجاهله هو حول موقف روسيا والرئيس بوتين من كُل هذه المطالب التي يَحمِلها نِتنياهو إليه، فهل سيقبل بها جميعًا، أم بعضها، أم يرفُضها كلها؟
لا نملُك الإجابة، لكن من المُلاحظ أنّ نِتنياهو هو الذي طلب زيارة الرئيس بوتين وأن مُوافقة الأخير تعكِس بعض الإيجابيّة، ولكن هُناك من يقول أيضًا أن هذه المُوافقة لا تعني القُبول بالمطالب المذكورة، وربّما بهدف الاستماع أوّلًا، والتّحذير من أيّ غارات “مُتهوّرة” على سورية أو لبنان ثانيًا.
مصدر لبناني قريب من سورية وإيران أكّد لنا أنّ القيادة الروسيّة كانت مُستاءةً من الغارة الإسرائيليّة على مدينة حلب قبل أُسبوعين، وأنّها هي التي كبحت جَماح أيّ رد سوريّ أو إيرانيّ انتقاميّ، ولوّحت، أيّ القيادة الروسيّة، بفك الحظر عن استخدام صواريخ “إس 300” للتّصدّي لأيّ غارة مُستقبليّة إسرائيليّة مُماثلة، الأمر الذي دفع نِتنياهو للطّيران إلى موسكو.
لا نملُك أدلّةً تُؤكِّد ما تقدّم، ولكن ما نستطيع قوله إنّ كيْل السوريين والإيرانيين، وربّما الروس أيضًا قد طفَح، لأنّ هذه الاعتِداءات الإسرائيليّة باتت مُحرجةً للجميع.