يبدو المشير خليفة حفتر للكثيرين، قائدا عسكريا فذا ومتمرسا، يطمح لتولي السلطة في ليبيا الغنية بالنفط والغارقة في الفوضى، وخاصة بعد ان بدأت قواته زحفها للسيطرة على العاصمة الليبية طرابلس.
هجوم الجنرال حفتر:
في بداية هجومه على طرابلس ظن الجنرال خليفة حفتر أنه بالسيطرة على العاصمة سيصبح له الدور الاقوى في أي مفاوضات مستقبلية, ولكنه لم يكن يدرك ماهية القوة التي ستواجهه, فقد هاجم دون أن يدخل في اتفاق أو صفقة مع الميلشيات المنتشرة هناك و ذلك ضرورة لا بد منها لأن خصوصية طرابلس و وجود الميليشيات فيها تجعل من الصعب السيطرة عليها دون التفاوض مع مصراتة.
صحيح أن حكومة العاصمة الليبية هي سلطة رسمية و معترف بها من قبل الأمم المتحدة ولكنها عاجزة عن حماية نفسها حتى مع أموال النفط الهائلة التي تملكها و بعض الدعم الدولي, لذلك كانت محاولة السيطرة على طرابلس من قبل الجنرال حفتر خطوة جيدة و هو الذي يملك نوعان من السلطة هما الأسلحة و الجيش الكبير الذي يسيطر على العديد من حقول النفط اضافة الى دعم العديد من الدول, و لكن صعوبة حسم المعركة تعود الى أمران, فإما أن الهجوم كان مبكراً للغاية وأُطلق دون حساب مناسب أو أن حفتر أساء تفسير موقف الميليشيات الموجودة على الأرض في طرابلس.
ماذا عن دور فرنسا؟
فرنسا ترى نفسها محقة في حوارها مع حفتر ودعمها له لأنها ترى فيه القوة التي من خلالها يمكنها أن تلعب دور محوريا في ليبيا و هو الذي يحظى أيضا بدعم رئيسي من مصر والسعودية, و في المقابل ان رئيس حكومة طرابلس فايز السراج المعترف به من قبل الأمم المتحدة ضعيف لدرجة عدم القدرة على السيطرة على العاصمة أمام الميليشيات.
ان الأمم المتحدة تسعى إلى التوسط في صفقة سياسية بين حفتر والسراج لإنهاء الحرب تمهيدا لإطلاق الجولة القادمة من المحادثات في المؤتمر الوطني الليبي المقرر عقده في وقت لاحق من الشهر الجاري و الذي يهدف إلى وضع خارطة طريق لإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية المؤجلة بهدف توحيد البلاد.
يقال إن حفتر يسعى لأن يصبح قائد الجيش الليبي بموجب أي اتفاق للمصالحة الوطنية، مع الجيش الوطني الليبي ليصبح القائد العام للقوات المسلحة للبلاد. لكن مع وجود قواته الآن على أبواب طرابلس، قد يحسب على حفتر بانه يستخدم القوة العسكرية للاستيلاء على السلطة.
و في النهاية إما أن يفوز حفتر و يحكم ليبيا و اما أن يخسر ويعود إلى نقطة الصفر و في هذه الحالة عليه تقديم تنازلات و الدخول في حوار مع سلطات طرابلس من أجل لعب دور و لو غير اساسي على الساحة الليبية.