بعد حراك شعبي استمر اكثر من اربعة اشهر قام الجيش السوداني بقيادة وزير الدفاع عوض بن عوف بتنفيذ انقلاب عسكري سريع ادى الى عزل الرئيس عمر البشير و التحفظ عليه في محاولة وصفتها احزاب المعارضة بأنها التفاف على الحراك الشعبي و محاولة لعسكرة النظام من جديد في السودان.
وأكد الصادق المهدي رئيس حزب الأمة السوداني المعارض رفضه أي حكم عسكري للبلاد وهو ما يعني انقلاب على الانقلاب وعودة للمربع الأول، الذي أوصل البلاد إلى أسوء أحوالها من انهيار اقتصادي وسياسي وتدني في كل المستويات، بالإضافة للاستقطابات الإقليمية والدولية.
وقال المهدي أنه يأمل أن تحمل أي خطوات قادمة من جانب الجيش مطالب الشارع التي عبر عنها في مذكرة التنحي التي حاول تقديمها لرئيس الجمهورية في فبراير (شباط) الماضي، وتحمل المذكرة مطالب الشعب التي من أجلها نزل الملايين الى الشارع.
و عبر المهدي عن خشيته من أن تكون خطوة الجيش اليوم عبارة عن إعادة انتاج لدور المؤسسة العسكرية، وما حدث هو نمط جديد من الانقلابات العسكرية في مرحلة ما بعد الربيع العربي، حيث باتت الجيوش تؤدي فيها أدواراً غير تقليدية، إذ تقوم مؤسسة الجيش بالإطاحة بقائدها لاتقاء شر الموجة الثورية المندلعة، وتحاول إعادة موضعة مكانة المؤسسة نفسها في البلاد.
وأشار المهدي إلى أن الجيش مكون أساسي في الدولة الحديثة ووظيفته حماية الشعب والوطن وليس حكم البلاد أو العمل بالسياسة، و أمل أن يقوم الجيش بتسليم السلطة للقيادات المدنية التي تتشاور معه لتحديد الفترة الانتقالية وإقامة حكومة مدنية انتقالية قومية.
و لفت المهدي الى وجود خلافات حادة بين المجموعات التي قامت بالانقلاب أو يمكن أن يكون هناك صراع أو مقاومة مضادة للانقلاب من كتائب الظل التابعة للبشير, معتبرا أن البلاد على مفترق طرق، فإما انتصار كامل أو محاولة بائسة لإعادة إنتاج النظام القديم.
وطالب المهدي المتظاهرين والمعتصمين بالصمود حتى تحقيق نصر كامل يكون على مستوى النضالات العظيمة ويفضي إلى تسليم السلطة للشعب الذي هو مصدرها الأساس لإنتاج نظام ديمقراطي يرمي الى السير بالبلاد الى الامام.
ان الأحداث المتسارعة في السودان جعلت المشهد يبدو ضبابياَ إلى حد كبير، فهل ما حدث انقلاب عسكري يقوده الجيش على الرئيس أم تنحي البشير طوعاً بسبب الاحتجاجات التي واصلت شهرها الرابع ضده، و بكل الاحوال ان الأمر الوحيد الذي لا يمكن إنكاره الآن هو أن البشير بات خارج السلطة.
و يبقى السؤال الابرز, هل ما حدث في السودان اليوم معد له مسبقا لتصل الامور الى الفوضى كما الحال التي تمر بها بعض البلدان المجاورة، مثل ليبيا أو سوريا أو اليمن.